الهام الجمال تكتب .. لا شئ يعلو فوق صوت الترند
اعتز دوما بانني لم اتخرج في مدرسة (الترند) الذي أصبح يتحكم منذ سنوات قليلة فيما تكتبه الصحافة المصرية.
وهي- من حسن حظي- نفس السنوات التى ابتعدت فيها عن شارع الصحافة، وقررت لعب دور المتفرج وأخذ استراحة محارب؛ اجبرتني عليها مهام الأمومة ..
اعترف انني لمن اتقبل الوضع في الشهور الاولى.
وشعرت بأن روحى تكاد أن تخرج من جسدي، لتهيم مرة أخري في شارع الصحافة باحثة عن فكرة ولقطة وسؤال.
لكن ومع الملامح الجديدة التى فرضتها مواقع التواصل الاجتماعي على الصحافة وخاصة الإلكترونية منها رأيت النصف الممتليء من الكوب وحمدت الله كثيرا اننى اعتزلت اللعب في الوقت المناسب.
فثقافة الترند وما يتصدره من اخبار واسماء أصبحت تسيطر على عقول الكثير من الصحفيين.
وأصبح لفت الإنتباه وحصد الشير واللايك، ودفع القاريء لكتابة تعليق -حتى لو كان سب وقذف- اهم بكثير عند البعض من أخلاق المهنة التي تطالب كل صاحب قلم بتحري الدقة والتاكد من صحة المعلومة وصدق الخبر ..
فأصبح تداول الموضوع على نطاق واسع اهم بكثير عند البعض من أثره على نفوس أبطاله ..
ولا شيء يعلو فوق صوت الترند.
منذ ابتعادى عن ممارسة المهنة تجنبت التعليق على الكثير من الاخبار المستفزة .. ومنعت نفسي من إبداء الراي في طريقة تناول بعض الزملاء للعديد من الموضوعات، احتراما لحق الزمالة حينا، وتجنبا للدخول في جدل عقيم لن يؤدي إلى شيء في احيان اخرى.
لكن ما حدث مع الراحل فاروق الفيشاوي، الذي غاب عن عالمنا مؤخرا، بعد صراع مع المرض الخبيث، فاق حد احتمالي.
ونفذ معه صبري فلم أكن أتوقع في يوما ما أن يتخلى أحدهم عن إنسانيته لهذا الحد طمعا في لفت انتباه أو تحقيق انتشار زائف، بنهش سيرة ميت لم تمر ليلة على رحيله.
لم أتوقع أن يوافق رئيس تحرير مخضرم لجريدة كانت يوما من أهم اصدارات شارع الصحافة على نشر مثل هذه القذارة عن رجل أصبح بين يدي الله .. له ماله وعليه ما عليه.
اختاره الله ليخرج من تلك الدنيا خالى الوفاض لا يحمل معه سوى عمله، الذي لا يملك انسانا على وجه الارض حق تقيميه ابدا.
فإن كان الفيشاوى قد جاهر يوما بذنب فمن يدريك أنه لم يخف عن الأنظار ألف حسنة قد تشفع له عند ربه وتثقل ميزاته.
ما نشرته تلك الجريدة التى لن اذكر اسمها عمدا لا يندرج بأى حال من الأحوال تحت تصنيف ماده صحفية .. لكنه حتما تصفية حسابات ليست بوقتها .. أو ربما كانت محاولة لإرضاء أحدهم على حساب شرف المهنة الذي يدنسه الترند يوما بعد يوم .
في غفلة من حراسها الذين ثاروا لتهجم الفنانة يسرا على صحفية شابة كانت تؤدى عملها في تغطية مراسم عزاء امها التى رحلت منذ ايام ..
ولم يشجب أحدهم أو ختى يستنكر ما نشرته الجريدة من نهش علني قذر لسيرة فنان غاب عن الدنيا.
تاركين مهنتنا الجليلة في أيدي غير أمينة تشوهها كما تشاء وتلوث مستقبلها باصرار منقطع النظير خلال لهثهم خلف وهم اسمه (الترند).