“كل عمل هو رحلة”… في وداع كريستو ملك
شكّل كريستو ملك الذي توفي أمس الأحد عن 84 عاماً مع زوجته جان-كلود، ثنائيا بارزا يصمم منشآت ضخمة تتطلب سنوات من التصميم والتحضير وملايين الدولارات .. والمدهش أنها عابرة لا تستمر إلا أيام قليلة.
حيث ابتكر كريستو ملك نوعا فنيا جديدا عرف بـ “تغليف المساحات بالقماش” .
ومن أبرز أعماله في هذا المجال لف جسر بون نوف في باريس بالقماش (1985) ومبنى رايشتاغ في برلين (1995).
وقد توفي كريستو الممشوق القامة وصاحب الشعر الأبيض الطويل “لأسباب طبيعية في 31 أيار 2020 .
وذلك في منزله في نيويورك، نقلا عن رسالة بثها معاونوه على صفحته عبر شبكة “فايسبوك”.
وقد تعطي بعض الأرقام فكرة عن نطاق أعماله، فقد احتاج كريستو إلى 26 مليون دولار لنصب مظلات ضخمة في كاليفورنيا واليابان.
وكلفه الأمر حوالي 26 عاما ليحصل على إذن بوضع آلاف البوابات في نيويورك .
كما احتاج إلى 650 ألف متر مربع من القماش للإحاطة بجزر صغيرة في فلوريدا فيما أتى خمسة ملايين شخص لرؤية مقر البرلمان الألماني المغلف بالقماش.
ثنائي غير نمطي
وبدأت المغامرة العام 1958 عندما التقى البلغاري كريستو فلاديميروف يافاشيف الفنانة الفرنسية جان-كلود دونا دو غييبون الذي تشاركه تاريخ الولادة نفسه.
وقد تزوجا بعد ذلك.
وفي المشاريع الفنية المستقبلية بينهما كان كريستو يتولى أكثر الجانب الفني فيما تعنى هي أكثر بالتنظيم.
ولطالما أكدت هذه المرأة القصيرة القامة صاحبة الشخصية القوية “هذه ليست أعمال كريستو إنها أعمال كريستو وجان-كلود”.
وقد حصل الزوجان على الجنسية الأميركية وانجبا ابنا. وتوفيت جان-كلود في العام 2009.
ومن أجل تمويل مشاريعهما والمحافظة على استقلاليتهما كان الزوجان يبيعان بأسعار عالية الأعمال التحضيرية لهذه المنشآت الفنية.
وكانت منشأتهما عابرة تستمر لأيام قليلة.
وكان يحلو للفنان القول: “لا يمكن لأحد شراء هذه الأعمال أو تسويقها ولا يمكن لأحد بيع بطاقات لرؤيتها . عملنا يتحدث عن الحرية”.
ومنذ وفاة جان-كلود، تميز كريستو العام 2016 بجسر عائم محاط بالقماش على بحيرة إيطالية ومصطبة أقامها في لندن مؤلفة من 7506 صفائح بسعة 200 ليتر مكدسة على شكل مربع منحرف.
وكان يعد لمشروع تغليف قوس النصر في باريس في أيلول المقبل إلا أن المشروع أرجئ لسنة بسبب وباء كوفيد-19.
وأكد معاونوه عبر “فيسبوك” أن هذا المشروع “لا يزال على السكة” للفترة الممتدة من 18 أيلول إلى الثالث من تشرين الأول 2021.
وقد ارجئ أيضا معرض مكرس للثنائي في مركز بومبيدو في العاصمة الفرنسية أيضا بعدما كان مقررا في منتصف آذار.
تاريخ ثري وملهم
ولد كريستو في 13 حزيران 1935 في غابروفو في بلغاريا وفر من هذا البلد العام 1956 في قطار شحن هربا من النظام الشيوعي والواقعية السوفياتية التي كانت تعلم في معهد الفنون الجميلة في صوفيا.
وفي باريس، راح الرجل الشاب يختلط بالواقعيين الجدد مثل إيف كلاين ونيكي دو سان-فال وتعلم الرسم التجريدي.
وقد ثار غضب الفنان من بناء جدار برلين فكدس العام 1962 براميل نفط في شارع سان جيرمان دي بري في العاصمة الفرنسية في أول عمل لافت له.
في العام 1968 غلف الثنائي الفني نصبا للمرة الأولى فاختارا قاعة كونتساله الفنية في برن السويسرية.
وقال الفنان الذي كان يتحفظ على التعمق في معنى أعمالهما “كل عمل هو رحلة”.
واحتاج عملهما في الرايشتاغ إلى تصويت من النواب الألمان. وقد أيده 292 نائبا وعارضه 223.
نقلا عن الشريك الإعلامي : النهار