حوار .. إليسا : لا أخاف الموت ولا الوحدة

حوار .. إليسا : لا أخاف الموت ولا الوحدة

 

فنانة بدرجة انسانة، كانت محظوظة خلال أعوامها القليلة السابقة بامتحان قدراتها في أكثر من امتحان صعب .. خرجت منهم كلهم اليسا منتصرة وفائزة، خرجت بنسخة من نفسها أكثر نضجا وهدوءا وخبرة بالقيم الأهم في الحياة .. دردشنا معها قليلا عما تختبره لبنان حاليًا من محن قد تغير من واقع أهلها بما فيهم إليسا نفسها.

  

كيف قضيتِ الست شهور السابقة بين قلق كورونا والحجر المنزلي ؟

طبعا كل مشاريعنا توقفت لشهور، وكنت وقتها أسمع اغنياتي المؤجلة مرات ومرات بغرض التجويد

فوجدت أن أغنية “هنغني كمان وكمان” في كل مرة اسمعها، أشعر بالفرحة واريد الرقص، فاتصلت بروتانا وفكرت في انه ليس علي ان اصدر البوم كامل .. لما لا أصدر اغنية واحدة ومصورة بشكل بسيط ؟ وهي حلاوتها في بساطتها، فكرنا فيها ونفذناها في يوم واحد.

 

وكيف كانت يومياتك في الحجر المنزلي ؟

قضيت الحجر في تعلم الطبخ والعمل على اغنياتي، وبعد 14 يوم بدأت في الخروج واشغال وقتي ولم اشعر بالملل، فقط افتقدت الذهاب الى الستوديو والحفلات والعودة لحياتنا الطبيعية.

 

لماذا هيفاء تحديدا اخترتي مشاركتها لك “هنغني كمان وكمان” ؟

هيفاء عفوية، وانا بحبها وهي كانت مؤخرا مصدر دعم لي وهي فنانة بسيطة أيضا ولا تجامل، مشاركتها كانت جميلة.

 

هل توقعت نجاح الأغنية بهذا الشكل ؟

كل ما كنت أفكر فيه هو أني أريد صناعة بعض الطاقة الايجابية، ورأيت في الموسيقى وسيلة للتواصل مع العالم واخراجهم من حالة الكآبة التي كان يعيشها الكل.

 

ما سبب مشاركتك مشروع ايلي صعب الداعم للمواهب العربية Stand with creative  ؟

وافقت على التحدي لأشجع ايلي نفسه، وانا مع اي فرصة لتشجيع الآخرين بأي شكل، وايلي صعب أكثر من أخ وعزيز على قلبي، وهو وأسرته قريبين من قلبي ودائما نتبادل الزيارات، ويستحق دعمي.

 

وكيف تحكين عن أحدث ألبوماتك “صاحبة رأي” ؟

الألبوم بالنسبة لي هو تتويج لمشوار عشرين عاما، وغلافه عبارة عن معرض لأهم الانتقادات التي مررت بها في بداياتي. فيه 18 أغنية منهم واحدة بالفرنسية، وخمسة باللهجة اللبنانية، وباقي الألبوم مصري، وأقربهم لقلبي هي “صاحبة رأي” التي أشعر انها تصفني انا، كتبها اسامة مصطفى ولحنها سامر ابو طالب.

 

الطابور الخامس يحاول هدم ثورة لبنان

 

كيف ترين تبعات انفجار مرفأ بيروت ؟

أكثر من 150 قتيل وأكثر من 5 الاف جريح .. في أيام الحرب لم نرى هذه المآسي، مررنا بحكم عثماني واحتلال فرنسي وحرب أهلية ومعارك غيرها، ولكن لم نرى مآسي مثل مأساة 4 أغسطس ..

من وقتها وانا فاقدة التعبير من صدمتي، وقد أكون حاولت “فش خلقي” عبر بعض التغريدات على تويتر ..

ولكن هناك أسئلة تظل بلا اجابات، فلو كانت لبنان في حرب، فالحروب مفهومة ومفهوم أسبابها .. ولكن من أجل ماذا ماتوا كل هؤلاء ؟

لا نعرف سبب ما حدث ! هل من أجل أشخاص آخرين مخبأين أسلحة ومصالح داخل المرفا الذي تعيش لبنان من وراءه ؟

85% من انعاش لبنان كان من وراء المرفأ.. من المستفيد من تشريد الناس وتعريض حياتهم للخطر والفقر ؟

 

 

هل هذا هو سبب غضبك تجاه حزب القوات اللبنانية الذي يقوده سمير جعجع، رغم دعمك الدائم له ؟

وقت الثورة قلت ان عندي انتماء لحزب معين لأنه يعبر عن طموحاتي كمواطنة لبنانية.

ولكن حينما رأيت ردود الافعال المخذلة من كل الزعماء السياسيين بعد انفجار المرفأ، شعرت انه لا قيمة لأي انتماء او تحزب، ولا يجب على الانسان ان يكون عنده انتماء سوى لشعبه وأرضه .. لا يوجد من يعبر عنا أو من قادرا حتى على تحمل المسئولية، نحن نعيش مع أسوأ مجتمع سياسي جاء على لبنان.

وحينما بدأت الثورة، نزلت فيها وشاركت لأني آمنت بشعار كلن يعني كلن .. أي أن الجميع يتحاسب ونعتذر للمظلوم لاحقا.

في اليوم العاشر من ثورة الشارع اللبناني خرجت للمشاركة .. كيف كانت تجربتك ؟

شعرت يومها بالفخر، لأنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها اللبنانيين متوحدين فعليا بدون الاختلاف حول طائفة أو دين، وهذا أكبر انجاز للثورة في رأيي، يومها أنا نزلت الشارع من أجل أهداف كل لبناني، تشكيل حكومة جديدة مستقلة أو تكنوقراط ولا تكون محسوبة على أي زعيم، ثم انتخابات نيابية مبكرة .. كلنا نريد أن نعيش ببعض الكرامة.

 

ما رأيك فيمن يصفون الثوار بأنهم ممولين ؟

أكيد الطابور الخامس مهم بالنسبة له الترويج لفكرة أن الثورة ممولة حتى يحرق ما يفعله الشعب.

 

ربما تم اسناد فكرة التمويل، بسبب ما صوره الإعلام من كواليس التظاهرات حيث الدبكة والرقص والغناء في الشوارع .. ؟

هذه حضارة، وهذه هي طريقة الشعب اللبناني، نحن ندبك ونرقص ونغني في مظاهراتنا ..

ما الذي يمنع ذلك ؟ نحن شعب متحضر وهكذا نتظاهر ونعمل ثورة شعبية سلمية.

 

 

مر أكثر من عام على تجاوزك محنة المرض اللعين، هل يغضبك استمرار الاعلام في سؤالك عن هذه الفترة ؟

تجربة المرض لم تكن أبدا تجربة مزعجة أو بشعة، والبعض يتخيل أن حديثي عن المرض يضايقني، ولكني اتعامل معها كتجربة حلوة خرجت منها شخص أقوى مما سبق، وصارت عندي نظرة واقعية أكثر للحياة.

ورغم اني سابقا كنت أعيش بمنطق اليوم بيومه، ولكن المرض أوصلني لقناعة أكثر بأن أعيش لنفسي لأنه من المستحيل ان يرضى عني الناس، حتى لو جلست في بيتي “كافية الناس شري” ..

سيظلون غير راضيين عني، من هنا يجب أن ندرك أننا لابد أن نعيش لأنفسنا، لنا فقط وليس للناس، ولابد أن نعيش هذه الحياة جيدا لأنها حياة واحدة وستنقضي.

وحاليا أنا عايشة عندي رسالة بفني أحاول توصيلها، وأبذل كل جهدي لكي أكون ناجحة، وأقسم وقتي بين عملي ومحبيني من ناحية، ووقتي الخاص لأصدقائي وما أحب في الحياة.

 

قلت سابقا ان التوتر هو سبب المرض .. كيف تأكدت من ذلك ؟

التوتر قادر على أن يقضي على عمرك، وأحيانا هناك قصص لا نعرف البوح عنها أو الشكوى في وقتها، وتراكم التوتر سبب حقيقي ومباشر للاصابة بالأمراض.

 

هل لذلك  السبب صارت تغريداتك على “تويتر” كلها غضب وانفعال ؟ لأنك قررت عدم الاحتفاظ بمشاعرك السيئة لنفسك ؟

لا أرى نفسي انفعالية على تويتر، ولم أندم في مرة على اي شيء كتبته مهما بدى انفعاليا، لأني مقتنعة بأن كل ما أشعر به يجب أن أعبر عنه.

 

وهل سبق أن دفعت ثمن جرأتك هذه ؟

لا، ولا أفكر بطريقة البعض في أن للرأي ثمن وأننا نتعرض لحروب وهجوم مخطط، الحياة أبسط من هذه الحسابات. بخلاف بالطبع أن جرأتي هي نتاج البيئة المحيطة، فما ساعدني على التعبير عن رأيي هو مجتمعي الذي تعلمت منه حرية التعبير، وما عزز هذه الحرية هو ثورة لبنان التي شجعتنا جميعا على أن نعبر براحتنا وبكلماتنا عن ما نشعر به ونريد الحديث عنه.

 

هل شعرت بالخوف على حياتك وقت ذروة انتشار فيروس كوفيد 19 ؟

لم أكن أخشى على نفسي، فالمرض لا يخيفني انا شخصيا، بل اخاف على الناس القريبة مني، خفت على أمي وخفت أن اي شخص قريب مني يمرض. ومن خوفي على الغاليين علي أحيانا احمد الله على اني لم اتزوج أو انجب أولاد.

 

 

 

لا تخافين المرض، اذن مما تخافين ؟ الموت ؟ الوحدة ؟

ولا حتى الموت والوحدة، الموت لن يشعر به أحد، حينما نموت  لن نشعر بشيء، لذلك لا أرى أن هناك داعي للخوف

أما الوحدة الحقيقية فأنا أقول دوما هي أن يكون حولك الناس ولا تشعر بوجودهم والحمد لله لا أعاني الوحدة .

 

كيف تجاوزت محنة المرض فعليا ؟ هل كانت لديك كل تلك الحصانات النفسية سابقا ؟

لا، أخذت فترة بالطبع لكي أفكر بشكل صحيح، وأعتبر نفسي محظوظة اني وقتها كنت محاطة بأشخاص يقدمون لي الدعم، اضافة الى ذلك الايمان .. الايمان بالشفاء في رأيي هو أول شرط حقيقي للشفاء.

 

وهل مؤمنة الآن بأن لبنان سيكون بخير ؟

لو الحياة دامت لأحد، ما وصلت اليك، والفرص والمناصب لن تدوم لهم، حتى هؤلاء الذين يظنون أنفسهم يملكون الكون والبشر ومصائرهم، لهم نهاية، ولا يوجد شيء ليس له نهاية، حتى الظلم له نهاية، كل هؤلاء الظالمين لهم نهاية .. وكل هذه العتمة لها نهاية.

 

نقلا عن حريتي