علي بدرخان : أحترم السبكي ولا أحب السينما الاستهلاكية
نجح المخرج علي بدرخان في صناعة حالة ايقونية من خلال سبعة أفلام فقط أخرجها طوال حياته ودخل 2 منهم موسوعة أفضل 100 فيلم عربي ..
نجح في الجمع النادر بين الرواج التجاري والنجاح الفني، ورغم ميله لتنفيذ الروايات الأدبية أو المشاركة في كتابة أعماله بنفسه.
الا انه مع احتفاله بميلاده الخامس والسبعون، يصر بدرخان على عدم العودة للعمل الاخراجي الا عن اقتناع
ويؤمن بضرورة أن يكن الفيلم ممتعا مع تقديمه رسالة .. عن تكريمه الأخير في مهرجان الاسكندرية وبعض من أخباره الممتعة دردش معنا.
بداية، كيف تلقيت خبر اختيارك لتكن اخر دورة من مهرجان الاسكندرية لسينما البحر المتوسط باسمك ؟
شاكر لهم على هذه اللفتة الجميلة التي لم اتوقعها، والحقيقة ان لدي ذكريات كثيرة سينمائية في الاسكندرية
تذكرتها حينما حضرت للمهرجان، ووجدت خلال فعالياته حالة من الاحتفال الجميل بي وسعدت جدا للقاء زملائي وأصدقاء العمر الجميل.
ما سبب عدم عملك الحالي في السينما ؟
لا أنكر اني أتمنى أن أعمل، ولكن الوضع الحالي لم يعد يناسبني، والسينما الحالية لا يمكن وصفها سوى بأنها صارت استهلاكية زيادة عن اللزوم
وأصبحت الأفلام تصنع بطريقة فيها استسهال، وغالبا يلجأون لموضوعات جاهزة من هوليوود لتعريبها بشكل ما.
لابد من عودة وزارة الثقافة للانتاج .. ولا تعليق على عدم استجابة النقابة
في رأيك ما أبرز المشكلات التي تواجه انتاج السينما حاليا بخلاف الاستهلاكية ؟
المواهب أكثر من عدد الانتاجات وفرصهم قليلة، هذه أهم مشكلة، ويليها فكرة ان الانتاج محصور فقط على القطاع الخاص
والقطاع الخاص يضع الربح كأولوية وينتج أفلام بعيدة عن مشكلات الناس ويغلب عليها الترفيه أو الأكشن، ويتخيل هؤلاء المنتجون أن الأفلام الخفيفة التي يصنعونها مليئة بالضرب والأكشن لا تصلح لمناقشة القضايا الجادة
لذلك يجب على وزارة الثقافة أن تعود لتولي دور الانتاج وفتح الباب أمام المواهب التي تعرف كيف تقدم أفلاما مقبولة ومربحة بموضوعات جادة وتعبر عن الناس.
كيف ترى أداء النقابات الفنية حاليا ؟
خلال الست سنوات الأخيرة لم تنعقد أي جمعية عمومية رغم أن صناعة السينما في أزمة بعد اغلاق كثير من الشركات بسبب الديون
واستمرار الاحتكار على الصناعة من مجموعة واحدة تعمل والأغلب بلا عمل، أصدرنا انا ومجموعة من السينمائيين بيانا تضمن مشاكل العاملين في السينما وآليات لحل هذه المشكلات.
وأرسلناه لنقابة المهن السينمائية والاتحاد العام للنقابات الفنية ولكن لم نتلق اي استجابة، رغم ان النقابة دورها الأول هو الارتقاء بالمهنة، وفي يدها الضغط واتخاذ موقف من الأوضاع الخاطئة.
تتكرر انتقاداتك لمن يديرون صناعة السينما والدراما .. لماذا لم تفكر في يوم ان تعرض عليهم بعض من مشاريعك ؟
كان هناك زميل في يوم يرغب في العمل معي وذهب لمنتج منهم، وعرض عليه مسلسل خاص بي، فالمنتج وافق على الفكرة ولكنه قال له “لكن مش عاوزين بدرخان” .. هذا هو ما حدث.
والحقيقة انني لدي كثير من الموضوعات وكثير من السيناريوهات ولكن من ينتجون هم الذين لا يتحمسون لي.
أتمنى تقديم فيلم عن الناشطة الأمريكية راشيل كوري
ما حقيقة نيتك لتقديم فيلم مع السبكي ؟
عندي مشروع سينمائي بعنوان “للكبار فقط” كان مقرر تنفيذه مع السبكي ولكن المشروع في مجال الانتظار، وهو فيلم مأخوذ عن رواية “لوليتا” العالمية، وقد كتب السيناريو علي الجندي.
والذي يدور حول شخص يعاني مرض نفسي يجعله يرى حبيبته طوال الوقت رغم اختفاءها من حياته. وبسبب تعلقه بحبه الأول يمر بحالة نفسية سيئة تؤثر على حياته.
ألم تخش من التعاون مع السبكي في ظل السمعة المرتبطة بنوعية الأفلام التي ينتجونها ؟
بالعكس، هم من ضمن صناع السينما الذين احترمهم لأنهم ظلوا في مواجهة أزمات السينما في عز الوقت الذي انسحبت فيه من السوق شركات تسبقهم خبرة وزمن، وظل السبكية ينتجون سينما ومصرين على الاستمرار.
وأعتقد ان محبتهم للسينما سبب كافي لأحترمهم. خاصة انهم متابعين جيدين لكل مشاريعهم من مرحلة الكتابة وحتى دور العرض.
ماذا عن تحضيراتك لفيلم “راشيل كوري” ؟
بالفعل كنت بصدد اخراج فيلم عن ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري، التي دهسها البلدوزر الصهيوني، وكانت قصتها حديث وسائل الاعلام العالمية لفترة بسبب بطولاتها في التصدي للعدو الاسرائيلي، وكان مفترضا حصول الفيلم على انتاج عربي، ولكن لأسباب انتاجية توقف المشروع تماما.
رغم أن والدك المخرج أحمد بدرخان هو من وضعك على بداية الطريق ولكنك تنسب الفضل الأكبر ليوسف شاهين ؟
نعم والدي هو من صنع مني مخرج ووجهني في البداية، ولكن عملي مع المخرج يوسف شاهين أثر علي كثيرا، فأثناء دراستي في معهد السينما عملت مساعد مخرج مع أبي في ثلاثة أفلام، ولكن بعد تخرجي قضيت فترة تدريب طويلة كمساعد مخرج، وعملت خلالها مع المخرجين شادي عبد السلام ويوسف شاهين وفطين عبد الوهاب، وتأثري بروح سينما شاهين يظهر في أعمالي لأن يوسف شاهين علاقتي به منذ تدريسه لي في المعهد.
كيف تقضي وقتك بعيدا عن الفن ؟
لست بعيدا تماما فأنا يوميا في حالة متابعة جيدة للتلفزيون وأخبار الفن كله، وأقضي بقية وقتي في القراءة. ومتابعة الأكاديمية الخاصة بي.
احكي لنا أكثر اهتمامك الشخصي بتعليم الأجيال الجديدة ؟
كان لدي مشروع اسمه “النسور الصغيرة”وهي فكرة رأيتها في السويد وحاولت اعادة تقديمها في مصر، وقدمتها لمدة عشر سنوات ولكن هناك ظروف عرقلتني بسبب تغيير نظام التعليم وعدم قدرة الأطفال القدوم للجمعية، فقمت بعدها بتحويلها الى مكتبة كاملة تقدم نشاطا ثقافيا وحضانة وجمعية للشباب الى جانب قاعة محاضرات وورش، والمكتبة استضافت شخصيات عامة في جلسات حوارية ومحاضرات أدب وسياسة وحفلات توقيع وسينما ومسرح ومعارض رسم وفن تشكيلي وأشغال يدوية.
وما سبب توقف المكتبة ؟
للأسف بعدما أصبح محط اهتمام واستمرت لسنوات، مررت بضائقة مالية فاضطررت لبيع فيلا الهرم ووقف النشاط، ولكن نقلت المقر بعدها الى المهندسين واستأنفت المكتبة نشاطها الى جانب تأسيس أكاديمية “كاليبر” التي يتم فيها حاليا تدريس المونتاج والتصوير والسيناريو والاخراج، وتستهدف محبي السينما ممن لم يستطيعوا الالتحاق بمعهد السينما، ولا تخلو الأكاديمية من السينمائيين لأني كنت حريص طوال الوقت على ألا أعطي للطلبة فقط الدراسة، ولكن الاحتكاك بالخبرات المختلفة يؤصل وينمي الموهبة.
نقلا عن احدى مطبوعات الهيئة الوطنية للصحافة