قراءة في فيلم حظر تجوال : أمير رمسيس لازال يتعلم
قراءة في فيلم حظر تجوال : أمير رمسيس لازال يتعلم
لا انكر أن السمعة الرديئة التي أحاطت بالفيلم منذ عرضه في مهرجان القاهرة، أثرت قليلا على حكمي واستقبالي للفيلم من أوله.
هذه السمعة تلخصت في جملتين، الاولى “الفيلم مفيهوش غير الهام شاهين”، والثانية “أمير رمسيس عنده عقدة الخواجة” ..
من يفهم في السينما بالطبع سيدرك المغزى من وراء كل عبارة، وجود الهام شاهين طاغي على اي ممثل آخر بجانبها، مهما كان هذا الآخر موهبته حقيقية، ولكن ليس لأن موهبة الهام أكبر أو اعظم، بل لأن للسيدة عمر مديد أمام الكاميرات، وهذه الألفة القديمة بين وجهها وبين المشاهدين، كافية لتثبيت أقدامها في اي ظهور، وكافية لبيع اي عمل فني على اعتبار أنه جيد.
شعوري أنا وغيري بالألفة والراحة لمشاهدة الهام شاهين في فيلم درامي، تدفعنا بشكل سحري للثقة فيها واستقبال كل شيء منها دون مقاومة ..
نحن ببساطة نصدق أن الهام شاهين موهوبة وجادة فيما تفعل، وهذا التصديق كافي لمنحها المباركة على طوال الخط، مهما كانت جودة العمل الذي تظهر فيه.
وبالنظر إلى مشاركات الفنانين الآخرين، فيبدو أن أحمد مجدي قد تعرض للظلم، فهو صاحب ظهور تلقائي نقي.
حتى وإن تخلل هذا الظهور بعض من لحظات “السنتحة” كما يقولون بالعامية المصرية الشعبية، أو “السكون غير المبرر”.
تأتي بجانبه أمينة خليل كعنصر استفزازي مستمر أغلب مشاهد الفيلم، خاصة في المشاهد التي تتطلب انفعال صوتي أو استخدام للملامح.
هنا تدرك اولى أخطاء المخرج امير رمسيس، الرجل شغوف بالسينما، ولكن شغفه لم يعوض فقدانه “السينس” بقدرات الممثلين
فتورط بالاستعانة بأمينة خليل باعتبارها وجها جميلا، ولكنه لم يدرك فوة موهبتها المحدودة
لم ير ملامح وجهها المشلولة وعيونها الميتة وقت الانفعال، ولا صوتها المزعج الملح الذي لا ينجح لثانية في بيع اي جملة لك من جمل الشخصية.
على النقيض، تستقبل ظهور أمينة خليل بأريحية في اي مشاهد تبتسم فيها، فهي فعلا وجه جميل.
وفي قائمة فقراء الموهبة، يأتي خيري بشارة في دور صاحب محل الخردوات، وسلمى ابنة الجارة.
وأيضا أحمد حاتم في دور علي عامل الصيدلية الذي يزور الجار المصاب،
ديفو في السيناريو
على مستوى الكتابة، قد يكون امير رمسيس الأمهر، فهو صاحب تفاصيل رائعة، ومعالجات انسانية، ولكن على نقيض موهبته
يأتي الخطأ المتكرر له خلال سيناريو فيلم حظر تجوال، بكثرة التبرير على لسان الشخصيات.
تلجأ كل شخصية خلال أول ظهور لها أمام الكاميرا، للإدلاء بكل ما في جعبتها بسرعة واسهاب، وكأن رمسيس يريد أن يسكب لك الشخصية في “حجرك” مرة واحدة، ويشرحها مرة واحدة، ويعرفك عليها على استعجال، فقط ليتخلص من عبء جزء من مهامه كمخرج.
فكرة الاسهاب والتبرير لكل حدث، ولكل خبر على لسان الشخصية، من وجهة نظري أجده أمر مزعجا جدا في فيلم لغته في الأساس بصرية ولا يفترض به تقديم كل هذه الثرثرة الفارغة.
بخلاف أن الثرثرة نفسها، قد تدفعك كمشاهد للنفور من شخصيات العمل، انت تأخذهم في وجهك بمشاكلهم وابتذالهم مرة واحدة دون تمهيد.
وبالمناسبة، مشاهد اليوم صار اذكى، لم يعد ممكنا رشوته بديكور وملابس الفقراء لشراء تعاطفه السريع معهم ومع معاناتهم.
عنصر الفضول
يبقى عنصر الفضول لينتصر للفيلم، يظل التساؤل داخلك يدور عن سبب قتل فاتن لأبو ليلى ودخولها السجن !
وقد يكون هذا هو السبب الوحيد لاستكمال المشاهدة، خاصة مع ندرة مشاهد الإثارة والصراعات في الفيلم مثل مشهد اشتباك الهام شاهين بجيرانها البلطجية على السطوح.
نقطة اضافي : اما بخصوص محاولة وصم أمير رمسيس بأنه مصاب بعقدة الخواجة، فلا أظن أن الوصف دقيق وعادل
فلا سبة في صناعة فيلم بمعايير فنية عالمية، وهذه المعايير لم تكن أبدا حكرا على الإنتاجات العالمية.
نقطة أخيرة : مشاركة محمود الليثي كانت كالسحابة الوردية الخفيفة على القلب وسط احداث متوترة ووجوه حزينة.
نقطة تحسب للفيلم : ينتهي الفيلم على خلاف ما تتوقعه من أثر سيء في نفسك، ينتهي نهاية خفيفة.
لكن
لأن
لكن
لأن