في معركة التاريخ مع المال .. أشرف زكي يختار الانبطاح
في معركة التاريخ مع المال .. أشرف زكي يختار الانبطاح
في بادرة جديدة منه تؤكد على طبيعته الانبطاحية، وميله لخفض الرأس وغض البصر والصمت تجاه ما يستوجب المواقف الرجولية، فاجأ نقيب المهن التمثيلية المصري الوسط الفني والثقافي في مصر ببيانه الذي أصدره عصر اليوم.
بيان أشرف زكي، كان نتاجا لمطالبات وضعوطات مختلفة عليه في الأيام السابقة، للتفوه بالموقف الذي تقف فيه النقابة تجاه الحرب الكلامية بين تركي آل شيخ من ناحية، والنجم المصري القدير محمد صبحي من ناحية أخرى.
الحرب الكلامية بدأت بعد ظهور نجوم مصريين كثر في حفل توزيع جوائز “وهمية” في العاصمة الرياض منذ أكثر من أسبوع.
الوجود الفني الكبير طرح كثير من التساؤلات عن الثمن الذي صار يتقاضاه الفنانون للذهاب بأضواءهم
ونجوميتهم إلى الرياض المظلمة منذ الابد، على المستوى الفني.
هذه التلميحات، التي تعدت كونها تحليلا لشخصيات الفنانين مجاذيب المال والفرص، تجاوزت وطالت من القيادة السعودية
التي لم يكن في خطتها سوى جذب الأنظار للرياض بفكر دعائي، دون مخطط سالف أو قادم للهيمنة
على الفن أو سحب البساط من تحت أقدام مصر، المستحيل أن يكن لها منافسا عربيا أيا كان.
وبسبب أخبار غلب عليها المغالطة، تردد اسم الفنان محمد صبحي وأنه من ضمن من تدافعوا لمجاملة تركي آل شبخ، بما أنه ولي نعمة أغلب الفنانين حاليا.
ولكن صبحي، لم يترك الأمر حتى يموت، فخرج وصرح في واحد من البرامج المصرية أنه لم يجامل تركي
بل وكشف عن رفضه تقاضي ٤ مليون دولار مقابل عرض مسرحيته في السعودية.
وبرر صبحي رفضه، بسبب وصف المسرحية بأنها “ترفيه”، فيما يرى هو دور المسرح يتجاوز هذا الوصف.
تصريح صبحي كان منطقي، ومفهوم. ومقبول .
ولكنه بشكل أو بآخر، شرخ كبرياء تركي آل شيخ وأصابه، لدرجة أن الأخير لم يستطع مسك لسانه، وخرج للتطاول على الفنان القدير .
تركي حاول استفزاز صبحي ووصفه ب “المشخصاتي” متجاهلا كونه فنانا أكاديميا ومثقفا ومفكرا ومنتجا
لأعمال قيمة على مدار نصف قرن، كان فيهم آل شيخ نكرة لا تذكر.
المواجهة بين الجانبين، لم تقابل بموجة دعم مصرية للفنان الكبير، بل كان التعاطف معه محدودا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
لماذا لم يتعاطف الجمهور مع صبحي ؟
هذا السؤال يحتاج دراسة مطولة للإجابة عنه، ولكن ملخص الاجابة، هي أن نفس الجمهور الذي تخلى عن صبحي اليوم.
هو الجمهور الذي سبق وأن أفسد فن محمد صبحي خلال آخر ثلاثة عقود !
محمد صبحي الذي قدم أعمالا قيمة ومدهشة مثل : تخاريف، انتهى الدرس يا غبي، وهاملت، وبالعربي الفصيح.
هو الفنان الذي لاحقا، أخذه المجتمع العربي كنموذج للوعظ، والمباشرة، وهللوا له ولسلسلة “ونيس”.
في عز فورة زمن الصحوة ونجومية عمرو خالد وحليب دلة وعطور عبد الصمد القرشي.
الجمهور الذي مجد نوعية الفن الذي قدمه صبحي ك “روشتة” ومجدوا فيه لدرجة صدقها هو وبنى عليها كبريائه المغالى فيه.
هو نفسه الجمهور الذي شجع تقديمه لمؤامرات كاذبة وترويجه لمسلسل “فارس بلا جواد” المبني على كتاب وهمي اسمه حكماء بروتوكولات صهيون !
وقتها صبحي أدخل الأيديولوجيا للفن، ووجد في المقابل توقيعات مباركة بالآلاف، لم تعترض على اندفاعه للعب دور مفتش القيم والعروبة.
هذا الجمهور، أضاع مشروع رجل مسرحي عظيم، صار اليوم يقف في مواجهة أقزام قرروا فجأة انهم اصحاب الفن.
بعد عمليات تكميم للمعدة وأعراض انسحابية شديدة للأرز من دمائهم !
نقابة مخزية
في المنتصف، بين موجة الوقاحة المحمية بالمال، وكبرياء صبحي المبالغ فيه، كان هناك حيزا معقولا وجميلا
ومطلوبا لنقابة بأهمية نقابة المهن التمثيلية، لتلعب دورا جوهريا في حسم الموقف.
خاصة بعدما اندفعت نفس النقابة من اسبوعين للتصدي لحملات الهجوم على واحدة من تلاميذ صبحي “منى زكي” في واقعة أسماها جمهور مواقع التواصل الاجتماعي بأنها “معركة كلوت منى زكي” !
النقابة التي دافعت بقوة عن كرامة منى زكي في مقابل حملات التشويه والهجوم الظالم غير الواعي
بسبب مشهد جريء لها في فيلم، هي نفس النقابة التي كانت مطالبة بالرد والوقوف بجانب صبحي.
ولكن يبدو أن الغيرة الفنية من جانب زكي من ناحية، وخوفه الشديد على اي مصالح مادية محتملة من “شوال الرز” من جانب اخر، كان لها عز التأثير على النقيب الذي قرر عدم خوض المعركة، والاكتفاء بلعب دور سلبي جدا ومتخاذل جدا.
زكي أصدر بيانا عائما ماسخا بلا روح ولا معنى قوي، قال فيه :
هذا البيان، قوبل بتعليقات ساخرة من كثير من زملاء زكي نفسه، خاصة وأنهم أدركوا منه الاختيار الذي اختاره النقيب، ولكن على استحياء.
على مسافة آخرى، كان هناك مندفعون للهجوم وتحديد موقفهم، مثل باسم سمرة الذي هاجم تركي ودعم صبحي عبر منشور في فيسبوك.
وبعدها بيوم أمر تركي منصة شاهد السعودية بعدم عرض أحدث أعمال باسم سمرة كنوع من العقاب.
هذا التحكم الرأسمالي في الفن، يفتح الباب لمعارك محتملة أكبر تنتظرها الايام المقبلة، خاصة مع دعم الدولة المصرية الواضح لصبحي.
وعمل الاخير على استجداء مزيدا من الدعم !
لكن
لأن
لكن
لأن أشرف زكي