ملف كامل : مهرجانات السينما تتحدى كورونا

مهرجانات السينما تتحدى كورونا

لأن شرط الابداع التمرد، لم تعتبر عودة المهرجانات السينمائية الكبرى في العالم للانعقاد والاحتفال موضع استغراب، في مواجهة غموض انتشار الوباء العالمي كوفيد-19.

فبعد شهور من الترقب والخوف والانصياع لقرارات حكومية، واجه كل من يعمل في صناعة السينما في كل مكان، خسائر يصعب حصرها لتنوعها، واستمرار أثر بعضها حتى اليوم.

ولكن في 5 اغسطس الماضي، كان انطلاق قطار التمرد، حينما أعلن مهرجان لوكارنو السويسري تحديه لكل المخاوف

مقررًا عقد دورته الـ 73 بعد تأجيل شهرين تقريبا، حيث كان موعدها في 29 مايو من نفس العام.

لوكارنو قاد التمرد في أول اغسطس .. دورة ديجيتال بثلاث صالات جمهور

لوكارنو اتخذ بعض المحاذير المهمة التي ساعدته على انجاح الدورة دون دعايا سلبية أو شكاوى

مثل تخفيف عدد مقاعد كل قاعة الى النصف، والعرض على شاشات في الهواء الطلق، وإلغاء عروض الساحة الكبرى التي كانت تستوعب كل عام 8000 متفرج.

وايضا الغاء المسابقة الرسمية وجائزة الفهد الذهبي.

ولكن المهرجان المستقل والأطول عمرا في العالم، كان قد نوه في البداية عن أن الأفلام سيكن متاحا عرضها أونلاين للصحافة

وأيضا الجمهور(بتذاكر مدفوعة بكروت بنكية).

ومع مشاورات مختلفة، انتهى الى فتح ثلاث صالات سينما فقط للجمهور، بالشروط السابقة.

تبع نجاح لوكارنو، نجاح آخر ايطالي، حينما انطلق فينيسيا السينمائي بين 4 و12 من سبتمبر بقواعد صحية صارمة

ونجح في اخراج محبي السينما من عزلتهم رغم الدورة المتواضعة مقارنة بتاريخه.

 

 

انتحار المنطق في تورنتو

البعض اعتبر قرار ادارة مهرجان تورنتو السينمائي الكندي في البداية غبيا، فقد أصدر المهرجان تعليمات بعدم اجبار أي من المشاهدين على ارتداء القناع في صالات السينما!

القرار اعتبره البعض دعوة للانتحار الجماعي، ولكن ادارة تورنتو دافعت عن نفسها وقالت انهم يطبقون قوانين صحية صارمة بشأن عدد الحضورفي كل قاعة

وهو ما لا يتعدى التوصيات العالمية .. فقط 50 شخصا، لذلك لا داعي للذعر.

وبالفعل انطلقت النسخة 45 من المهرجان بين 10 و20 سبتمبر دون ارتداء النجوم او طواقم التصوير للأقنعة !

 

 

شهر أكتوبر

شهر اكتوبر هو شهر العودة الأكبر للمهرجانات، حيث يشهد انعقاد حوالي عشرة مهرجانات، الأول هو مهرجان نيويورك السينمائي الذي انطلق بالفعل يوم 17 سبتمبر وتستمر فعالياته الطويلة حتى 11 اكتوبر

والثاني هو مهرجان أنطاليا السينمائي الدولي، واستمر بين 3 و10 اكتوبر في تركيا.

والثالث هو مهرجان لندن السينمائي الذي يعقد بالكامل رقميا، وبعدد أفلام أقل كثير من الدورة المفترضة.

وينطلق الى دور السينما المستقلة في بعض المدن، واستمرت فعالياته بين 7 و18 اكتوبر.

وهي بالضبط نفس المواعيد التي انطلق فيها مهرجان بيرجن النرويجي الشهير الذي ينطلق هو الآخر هذا الشهر بنسخته الفعلية.

أما المهرجان الخامس هو مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي الذي يحتفل بعودته بين 14 و25 اكتوبر.

والسادس هو مهرجان بوسان السينمائي الدولي الذي يحتفل بدورته بين 21 و30 اكتوبر في مدينة بوسان الساحلية التي تقع جنوب كوريا الجنوبية.

أما المهرجان السابع في اكتوبر هو الجونة السينمائي، الذي تحتفل به مدينة الجونة المصرية بين 23 و31 اكتوبر.

 

شهر اكتوبر يشهد انطلاق 10 مهرجانات عالمية .. اثنان منها في أمريكا الأكثر تضررا

والثامن هو مهرجان كولون الألماني الذي يجذب صناع السينما الألمان، والجمهور من ثلاث مدن محيطة، ما بين 1 و10 اكتوبر، ويعتمد بشكل كبير على قواعد التباعد الاجتماعي.

وأخيرا، من 13 الى 24 اكتوبر أعلن مهرجان “غنت” البلجيكي اقامة دورته الـ 47 دون تراجع أو تردد.

وأعلن خلال منصاته كلها عن شروط حضور الجمهور والإعلام الى المهرجان.

هذه الشروط كان أولها بالطبع هو خضوع الجميع لقياس درجة الحرارة وارتداء الكمامة طوال الوقت، وتعقيم اليدين.

ولكن كانت هناك شروط آخرى، مثل عدم بيع أكثر من 200 تذكرة لأي عرض أو حفل.

ومنع حضور أحد الى اي مناسبة قبل الموعد بأكثر من نصف ساعة، شراء التذاكر أونلاين، والحفاظ على مسافة متر ونصف بين كل شخص وآخر في صفوف الانتظار.

واشترط المهرجان أيضا على كل الحاضرين الى الافلام ترك مقعد فارغ بين كل شخص والآخر، والخروج بنظام الصفوف الأقرب للباب أولا، دون تدافع أو تلامس.

“ماريكي فاند بوير” رئيس مهرجان غنت، قال في تصريح خاص لاحدى الاذاعات الهولندية أن قرار عودة المهرجان تم في ظروف غامضة.

وأكد انه لم تكن هناك نية مسبقة لإلغاء دورة هذا العام، رغم كل القلق العالمي وتوقف مظاهر صناعة السينما في كل مكان.

وأضاف : نحن الآن نعتبر لاعبا مهما في ملعب القطاع السينمائي، وعودتنا الآن لها ضرورة أكبر من أي وقت مضى، لنقاوم سويا آثار توقف قطاع السينما

ونوقف عملية الخسائر والزمن المهدر بينما الناس كانوا يجلسون في منازلهم. كما أن الجمهور نفسه أكثر تعطشا للسينما بسبب شهور التوقف.

وأكد فاند بوير أن كوفيد 19 لم يكن له تأثير كبير على برنامج المهرجان لهذا العام، بل الخوف من العام المقبل، بسبب توقف الانتاج هذا العام.

كما كشف أن المهرجان سيحتفل هذا العام بالسينما الألمانية التي لها عشرات الانتاجات المميزة.

وسيعرض من كلاسيكيتها وجديدها عديد من الأفلام. علما بأن اجمالي الأفلام التي سيعرضها المهرجان ضمن برامجه المختلفة، حوالي 110 فيلم طويل، و50 فيلما قصيرا.

 

تحدي مونبلييه

بخلاف العشرة مهرجانات السابق ذكرها، ترفع القبعة الى المهرجان الأوروبي الوحيد الذي يحمل هم توثيق سينما دول البحر المتوسط، إنه مونبلييه ذو الـ 42 عاما، وثاني أهم مهرجان سينمائي فرنسي.

مونبلييه تدور فعالياته بين 16 و24 من اكتوبر، ويفتتح دورة هذا العام بعرض الفيلم التونسي “الرجل الذي باع جلده” للمخرجة كوثر بن هنية.

وهو الفيلم الذي حاز على احد جوائز فينيسيا هذا العام.

بينما يحتفي بذكرى المخرج الايطالي الكبير فيديريكو فيليني، ويكرم روح الايطاليا كلوديا كاردينالي عبر ملصقه الرسمي.

المدهش بخصوص مونبلييه، هو أنه لم يتناول من الأساس المخاوف من انتشار كوفيد 19 في أي من بياناته الرسمية أو تصريحات القائمين عليه.

بل تعامل مع انعقاد دورته الجديدة بشكل طبيعي دون اعطاء مساحة من الأهمية للخوف من المرض.

 

 

كان رجع في كلمته

أما مهرجان كان الفرنسي، صاحب الشهرة الأكبر، والذي يعتمد في تمويله بشكل أساسي على تبرعات رجال أعمال.

ودخل مادي كبير من تأجير مساحات سوق الفيلم الأهم في العالم، فقد كان قرار ادارته بالإلغاء أو الإرجاء في ذروة اندلاع المرض.

وقتها قررت قيادة المهرجان التخلي عن البرنامج المخطط له وبدلاً من ذلك قدمت نسخة افتراضية مخففة مع عنوان جديد مبهج.

ولكن مع تخفيف المحاذير وعودة الحياة الاجتماعية بقوة في العاصمة باريس خلال آخر شهرين.

أصيب بحمى العودة كل القائمين على المهرجان، فقرروا اقامة نسخة متأخرة منه في نهاية شهر اكتوبر اسموها “كان الخاصة 2020”.

 

كان الفرنسي يعوض غيابه باحتفال لمدة ثلاثة أيام

هذه المرة، قالت ادارة كان أن الاحتفال الذي سيقام في نهاية اكتوبر، لا يمكن اعتباره دورة كاملة أو بديلة للدورة التي لم يحضرها الجمهور في مايو الماضي.

انما سيتاح للجمهور على ثلاثة أيام فقط حضور 4 من الأفلام التي تم الاعلان عنها في المسابقة الرسمية لهذا العام.

العروض ستكون في الفترة من 27 إلى 29 أكتوبر، بالإضافة إلى ذلك، سيتم عرض الأفلام القصيرة التي تم اختيارها في المنافسة لهذا العام، ومجموعة أفلام الطلاب Cinéfondation.

كما سيكون هناك أيضا لجنة تحكيم وجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير.

ولكن الأهم هو أن المهرجان أكد رسميًا عزمه على المضي قدمًا في نسخته 74 في مدينة كان من 11 إلى 21 مايو 2021.

عمدة مدينة كان، ديفيد ليسنارد قال في تصريح خاص لـ “حريتي” :

عودة الاحتفال بكان له مكانة خاصة عند الجميع، خاصة من يعرفون طعم الحياة في المدينة في شهر مايو من كل عام

لذلك نريد أن يكون حضور مهرجان كان في عام 2020 رمزًا لمعركتنا نيابة عن قطاع الحياة الاجتماعية كله، الذي يوفر لقمة العيش لمئات العائلات، فضلاً عن الأثر الثقافي لمدينتنا.

وأضاف : كان من الضروري أن يقيم المهرجان في مدينة كان هذا الحدث الاستثنائي حتى ولو متأخرا.

كلمنا نفتقد عروض عالية الجودة أمام جمهور عادي، في فستان سهرة، على السجادة الحمراء الشهيرة.

أما تيري فيرمو رئيس المهرجان، قال لـ “حريتي” : كوفيد 19 دمر الحياة الاجتماعية والترفيهية في كان.

وألغى كل المناسبات والاحتفالات، وهذا الشهر سنشهد جميعا الروح السينمائية التي افتقدناها .. سنعود لمشاهدة الأفلام معا

وتناول العشاء والاجتماع من جديد على الطاولات وفي الحفلات.

 

 

نهاية العام

في نوفمبر، تواجه مصر المخاوف من كورونا، بمهرجانين من مهرجانات السينما ، حيث تضاء سماء القاهرة احتفالا بافتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بين 19 و28 من نوفمبر.

وتستقبل سينما الشاطيء في الاسكندرية الدورة الأحدث من مهرجان الاسكندرية لسينما البحر المتوسط بين 7 و12 نوفمبر.

وحتى الان الاثنان عازمان على عقد دورة هذا العام دون خطط للإلغاء.

مهرجانات السينما

مهرجانات السينما

 

نقلا عن مجلة حريتي