السيسي ومعركة الوعي .. كيف وضع النقاط على الحروف

السيسي ومعركة الوعي .. كيف وضع النقاط على الحروف

تعود أهل الفن لعقود من الزمن عدم الاشتباك بالسياسة وصناعها، ورضخوا لرغبة الجمهورية القديمة في استخدامهم للإلهاء وتوسيع رقعة الترفيه في مصر، ولكن مع تغير الحال أكثر من مرة منذ ثورة 25 يناير والفنان أصبح يدرك ضرورة ان يكن له أثرا حقيقيا في الشارع، سواء برغبة او في ظل تجاهل السلطات المختلفة.

اليوم يحظى اهل الفن بدعم حقيقي من الدولة، ويتجدد كل عام بكثير من الاشارات والقرارات والتصريحات من الرئيس السيسي نفسه

آخرهم كان خلال مداخلته الهاتفية لأحد البرامج التلفزيونية، حيث قال السيسي :

إن الإعلام والثقافة لهم أولوية لدى الدولة، والدولة ستدعم تقديم عمل فني لتجديد الخطاب الروحي المصري. وأن الحديث عن تجديد الخطاب الروحي أمرا مهما، متابعا أنه داعم لأي عمل على مستوى الدولة داخل مصر.

ومؤكدا على اعجابه بأي عمل فني راقٍ.

 لأن

المحظوظ

تصريح الرئيس السيسي الهاتفي الأخير بخصوص الفن، كان على هامش فقرة حوارية للاعلامية عزة مصطفى مع الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال.

حيث قال الرئيس مخاطبا كمال: “أنت شخصية رائعة تتحدث بشكل يعكس حجم من المعرفة ورقي الفكر والثقافة، وأقول لك جهز اللي أنت عايزه وأنا معاك”.

ورد السيناريست: “يا فندم ألف شكر، ودي ثقتنا في حضرتك ورؤيتك”.

وقال الرئيس السيسي، إن قضايا مصر كثيرة، وتناولها مهم للغاية في الأعمال الفنية، مضيفا:

“لو في كتاب موهوبين زي حضرتك تصدوا لمعالجة قضايانا وكتبوا، فأنا بقول ستجدوا دعمي لهذا الإبداع ضخم جدا، وأنا مجهز لهذا الدعم كويس أوي، أنا داعم لأي عمل فني يهدف لبناء الوعي الحقيقي بما فيه الوعي الديني”.

لكن

مجانا !

ورد عبد الرحيم كمال على رسالة الرئيس: “أنا بشكر حضرتك، هو ده عشمنا، ودي الرؤية اللي إحنا مستنيينها، وأنا حسيت بالفخر وثقتي في نفسي وبلدي زادت، وأنا مستعد أقدم أي عمل مجانا..

لأنه مكسبي أكبر بكتير من أي أجر آخر، وعندنا مواهب كتير جدا والله يا فندم”.

وعلّق الرئيس: “إحنا مش بنطلب منك عمل مجانا ولا حاجة، لأ طبعا ليه، لكن أنا بطلب منك إنك تعمل عمل تحشد فيه كل الموهبة في أسرع وقت ممكن لبناء الوعي الحقيقي”.

وأضاف الرئيس: “أنا أوجه لك التحية على فهمك ووعيك وثقافتك، وأنا أكررها لك أنا داعم لأي عمل فني في مجال بناء الوعي،

وهمنا أن نحصن أولادنا ويبقوا فاهمين كويس أوي الدنيا حوالينا عاملة إزاي”.

لكن

لأن

لكن

رد الفعل الفني

أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية كان أول من شعروا بقيمة دعم السيسي للفنان المصري، حيث علق :

كلام الرئيس عن الفن المصري وتأثيره في بناء الوعي يشعرنا بالفخر، والرئيس يثبت كل يوم حبه وعشقه لمصر، واحترامه وتقديره

الكامل للقوى الناعمة وللفنانين الذين ينتموا لمهنة مهمة للغاية يتشرفون بالانتماء لها”.

وأضاف : نحن نسير في عهد السيسي بقفزات ونقلات كبيرة جدا، والرئيس بتصريحاته هذه يضع النقاط فوق الحروف ويضع الفن المصري في مكانه.

وطبيعي في هذا الوقت أن نهتم بعودة الأعمال التاريخية والدينية، وأنا أقول أن فنانو مصر تحت أمر القيادة السياسية المصرية، في تنفيذ الأعمال الفنية والدرامية الهادفة كما ظهرت في فيلم الممر ومسلسل الإختيار والقاهرة كابول.

لكن

الناقدة ماجدة موريس : رغبة الدولة في تطوير الفن ظهرت منذ مؤتمر المتحدة في مايو

أما الكاتبة والناقدة ماجدة موريس علقت : أتصور ان كلام الرئيس السيسي كان له مفعول سريع جدا، حيث أصدرت الشركة المتحدة بيانا تعلن فيه عن أنها ستطالب المؤلفين بتقديم النصوص كاملة قبل انتاجها، معلنة بذلك انتهاء الظاهرة المخربة “الكتابة على الهوا”.

فلن يتم انتاج أعمال وبداية تصويرها بعد تسليم الحلقات الأولى فقط، ولن يكن هناك مجالا لتوريط المخرجين وجهة الانتاج مجددا بسبب تأخر الكتاب أو انهاء الأعمال بطريقة متسرعة وغير متقنة.

وحول اعجاب الرئيس بعمل السيناريست عبد الرحيم كما، قالت : عبد الرحيم كمال في الحقيقة حظه جيد جدا لأنه من عامين

كتب مسلسل “زلزال” لمحمد رمضان وفوجيء ان رمضان فرض عليه 3 كتاب لتعديل شغله واعادة بلورة شخصية رمضان في المسلسل

ووقتها اعتذر وتنصل من العمل، وأعتقد لذلك السبب صالحوه بانتاج وعرض “القاهرة كابول” الذي كان عملا غاية في الروعة

وكشف كيف تتم صناعة العقول المتطرفة منذ الطفولة، وكان فيه تبسيط ومعالجة حقيقية تقدم لك كمشاهد تفسيرات لكل شيء يحدث حولنا من تطرف.

وبسبب هذا العمل أصيح كمال أهم كاتب في موسم رمضان خلال اخر سنتين.

لأن

مؤتمر مايو

أما عن رؤيتها لاهتمام الدولة بتقديم فن واعي وذو قيمة، قالت : شعرت برغبة الدولة الحقيقية في هذا منذ مؤتمر المتحدة في

شهر مايو السابق حينما تم اقصاء تامر مرسي واستبداله بفريق اداري وفني..

شعرت انا وغيري بتفاؤل وأن هناك تغيير حقيقي سيحدث، وقرار الزام الكتاب بتقديم ال 30 حلقة، أشعرني أيضا براحة لأن هذه هي القاعدة الذهبية ..

الكاتب هو الأول وليس الورق، ولكن سابقا كان الاحتكار للكاتب لدرجة ان الحديث عن الورق يكون قبل كاتبه

وما يحدث اليوم سيعيد الاحترام لكاتب وفكره، وسيعود الكاتب لاختيار الفنانين مع المخرج كما كانت القاعدة دائما،  وليس تفصيل السيناريوهات على النجوم.

وختمت : مكالمة السيسي كانت مبشرة وعكست شعوره بقيمة وأهمية الفن والثقافة، ورغم مشغولياته الكبيرة ولكنه مدرك الكتاب الجيدين

وبالتأكيد يرى ويشاهد كل شيء، والصورة التي خرج بها موكب الممياوات كان فيه اعلان كافي عن حجم اشتباك الفن وتأثيره في صناعة صورة جميلة وتوصيل أفكار قيمة للناس.

لكن

الخبراء

المخرج الكبير علي بدرخان علق : من زمان والفن والفنانين مهمومين بضرورة ترسيخ الهوية المصرية ومعالجة القضايا الكبرى سواء سياسية او انسانية عبر الأعمال الفنية

وأعتقد ان التغيرات الأخيرة قد يكن لها أثر على تطوير المحتوى الفني والثقافي خاصة مع اهتمام الدولة بتوصيل الرسالة الثقافية

إلى النجوع والقرى وتحقيق استراتيجة الدولة الشاملة لبناء الإنسان المصري معرفيا وثقافيا.

وختم حديثه : نأمل في أن يتوقف احتكار الدراما واقتصار العمل على اسماء بعينها، وأن يعود كل الموهوبين للعمل بدل الجلوس في منازلهم بعيدا عما يتقنون فعله

وأتمنى ممن يملكون امكانات الانتاج الاستعانة بأهل الخبرة واتاحة الفرص للمبدعين الحقيقيين والاستعانة بعقول متخصصة تعرف ماذا تقدم للعقلية المصرية.

لكن السيسي ومعركة الوعي .. كيف وضع النقاط على الحروف

 لأن

لكن

نقلا عن احدى مطبوعات الهيئة الوطنية للصحافة