عمر عبد العزيز : علي بدرخان استفاد من يوسف شاهين ولم يقلده

كشف المخرج عمر عبد العزيز عن مشاعره الطيبة إزاء تكريم المخرج المصري الكبير علي بدرخان في مهرجان الاسكندرية الذي حملت دورته 37 اسم بدرخان.

عبد العزيز علق في تصريح للكاتبة ميرفت عمر ضمن كتاب “الثائر” الذي نشره المهرجان هذا العام.

وقال : سعدت جدا حينما علمت أن الدورة ٣٧ من مهرجان الإسكندرية ستحمل اسم علي بدرخان، وتصبح دورة علي بدرخان.

فهو يستحق عن حق، ليس لأنه صديق، وصديق عزيز، ولكن لأن علي يستحق فعلا وهو فعلا مخرج مهم في السينما المصرية، ورغم أنه لم يقدم كثير من الأفلام، ولكن أفلامه مهمة وذات قيمة فنية، وتفاعل معها الجمهور وأحبها جدا.

وحكى عن أول ذكرياته معه :

لو عدت إلى بداية علي بدرخان، فكان وقت تحضيره فيلم “الحب الذي كان” وكان في وقت كنت اعمل فيه انا ايضا على فيلمي الاول “اغنية على الممر”، ووقتها أيضا كان سعيد مرزوق رحمة الله عليه يعمل على فيلمه الأول “زوجتي والكلب”.

وكان محمد راضي يعمل فيلمه الاول، وأشرف فهمي يعمل على فيلم هو الآخر ..

كان هذا الجيل ينطلق في نفس الوقت مع فارق ايام بسيطة، وظعروا في نفس الزمن فارضين شكل جديد للسينما المصرية.

كان لكل منهم لونه المختلف، ولكن كونوا مع بعضهم حالة مختلفة وصعبة، ونجحوا في توقيت كان العمل في الاخراج صعب جدا.

ولم يكن هناك مخرج يعمل الا من خلال ثلاث طرق، أن يبدأ صغير كلاكيت ثم سكريبت ثم مساعد أول ثم يخرج، وهي رحلة قد تأخذ عشرون عاما.

أو الطريقة الثانية هي أن يشق طريقه من المونتاج مثل استاذ سعيد، وأستاذ كمال الشيخ، والأستاذ صلاح ابو سيف.

الطريقة الثالثة لاقتحام المجال الاخراجي كانت بعد الدراسة بالخارج مثل يوسف شاهين، وحسين كمال، حسام الدين مصطفى.

هذه كانت السبل قبل عام ٧٢، ولكن صعود جيل بدرخان كان حدث في توقيت لم تكن هناك ثقة كبيرة في جيله، وهم فرضوا وجودهم بنجاح أفلامهم على المستوى الفني وعلى المستوى الجماهيري.

وعن وجهة نظره في نجاح الأفلام، قال :

انا أرى أن الفيلم كلما شاهده ناس اكثر، كلما وصلت رسالته، لأن السينما فن جماهيري، وليست مثل رسم لوحة تشكيلية اشاهدها مع خمسة من اصدقائي.
وعلي بدرخان من قلة فرضوا وجودهم وصنعوا لأنفسهم تاريخ فني مشرف.

والملفت للنظر أنه رغم أن عدد أفلامه فقط عشرة، ولكنها كانت افلام مؤثرة جدا ونجحت، بل كانت سبب في وضعه في مكانة مختلفة، وسبب في أن ينظر إليه بنظرة مختلفة، على أنه مخرج مهم له طابع خاص ولا يقلد أحد، مكتفيا بشخصيته المستقلة فنيا، ولم يكن يسير وراء لون، أو يقلد مخرج اخر ولا حتى استاذه يوسف شاهين، الذي عمل معه لفترة، واستفاد منه دون أن يقلده.

 

أما عن رأيه في أفلام بدرخان القليلة، قال :

الأفلام التي صنعها علي، لي فيها رأي خاص بعض الشيء، ومختلف عما يراه النقاد، وقد لا يتفق علي نفسه معي في رأيي،

فأنا أرى أن افلام علي كلها تقريبا كانت تحمل الطابع الرومانسي، ولو نظرنا إلى “الحب الذي كان” أو “الكرنك” الذي كان فيه قدر من الرومانسية وقدم شخصيات حالمة، احبط القهر أحلامهم.

وكذلك “شفيقة ومتولي” الذي قدم شخصيات تقف على أرض الواقع ولم تتخل عن رومانسيتها وحلمها، وايضا افلام “الرجل الثالث” و “أهل القمة” و”النزوة”.

وانا عادة لا احب التصنيف الحاد للأفلام، ولكني رأيت في افلام علي الرومانسية الواقعية.

وهو مخرج حساس لديه فهم لطبيعة وثقافة الإنسان، وأعتقد أن ثقافته الكبيرة بالحياة هي السر وراء درجة الوعي التي لدى علي

سواء على المستوى الفني أو السياسي.

أما عن الميول السياسية للمخرج الكبير بدرخان، قال عمر :

علي .. وجهة نظر في الحياة والسياسة، وهو لا يفرض وجهة نظره على أفلامه ولكنك تستطيع أن تلمح ذلك من خلال شخصيات أفلامه التي تراها تعاني نتيجة الوضع الاجتماعي والسياسي

وذلك دون حاجته هو كمخرج للصراخ أو استخدام مانشيتات واضحة.

علي .. توقف عن الاخراج سنة. ٢٠٠٢، مثل معظم جيلنا الذي توقف بسبب ظهور الاحتكار والشركات الكبيرة التي تملك انتاج ضخم وتوزيع ودور عرض

ونتيجة ذلك توقف الكثير من جيلنا عن الانتاج، ودون تخطيط سابق، لجأ منتجي المسلسلات إلى جيلنا

ولكن لم يتفق علي مع طبيعة الإنتاج في هذا التوقيت

وانسحب من التجربة مبتعدا عن مجال الاخراج، دون أن يبتعد السينما نفسها، فاستمر في التدريس في معهد السينما

وقام بتخريج اجيال للسينما، نقل لهم خبرته الشخصية والفنية الواسعة.

علي .. لم يبتعد عن مجال السينما، بل قام بتأليف ثلاثة كتب مهمة عن تجربته في عالم السينما

ونال جائزة معرض القاهرة للكتاب في دورة ٢٠٢١.

المخرجين ثلاث أنواع

وختم تعليقه قائلا : اتحدث عن علي بدرخان باعتباره مخرج مهم، واقيس ذلك بميزان خاص عرفته من مخرج امريكي ..

كان يقول المخرجين ثلاثة انواع، مخرج جماهيري يجيد اختيار الموضوع الذي يعجب عدد كبير من الناس، ويجيد توجيه الممثل، ولكنه قد يكون قوي في التكنيك والاحساس.

والنوع الثاني هو المخرج الفنان، الذي يجيد توجيه الممثل ويجيد التعامل مع الكاميرا، وقادر على صناعة تكوينات جميلة وصورة مبدعة، ولكنه لا يجيد اختيار موضوعه.

والنوع الثالث هو من يجيد اختيار موضوعه، والتعامل مع الممثلين، كما يجيد فنيات الاخراج والتصوير، ويسميه “المخرج الكامل”.

وبالعودة إلى هذا الميزان، أو المعيار، يمكنني أن أقول إن علي بدرخان هو “المخرج الكامل” ..

ولو توقفت عند اي فيلم من افلام علي ستجد كل هذه العناصر متوفرة فيه، ستجد التمثيل بمستوى راقي، وممثلين بلا مبالغات.

وستجد في أفلامه الموضوع المهم، والمعالجة السينمائية الحلوة المبدعة. لذلك علي بدرخان مخرج كامل.

نعم قدم للسينما عشرة افلام فقط، ولكنها كانت افلام مهمة ووضعت اسمه في مكانة مميزة بين مخرجي السينما المصرية، والتاريخ الذي صنعه اليوم دليل على قيمة علي بدرخان.

سعدت للغاية بكتابة مقدمة كتاب صديقي وزميلي علي بدرخان، والذي يستحق تماما أن تحمل هذه الدورة من المهرجان اسمه ..
وأقول له .. بالتوفيق دائما .. ومنتظرين منك ابداعات جديدة.

وهو لازال يفكر ويخطط ويحلم بصناعة فيلم.

بالتوفيق يا علي.

لكن

لأن

لكن