لقاء .. مادلين مطـر : كنت عصبية قبل كورونا .. ولازلت في حجر صحي

لقاء .. مادلين مطـر : كنت عصبية قبل كورونا .. ولازلت في حجر صحي

بصوت شجي وحنون، وموهبة لا خلاف عليها، صنعت النجمة اللبنانية مادلين مطـر طريقها لسنوات مكللة تعب السنوات بنجاح تراكمي لازالت تحصد ثماره الى اليوم .. مادلين استمرت في الانتاج والغناء رغم كل الظروف المحبطة التي صاحبتها خلال السنوات الأخير، وبالوضع الحالي لبيروت، تخلت على احدى قناعاتها بعدم تقديم اغنيات وطنية .. ووثقت مشاعر اللبنانين في هذه الفترة الحرجة بأغنية “آه منك يا بلد” .. عن الأغنية الجديدة، وما تخفيه من آراء صريحة تحدثت مادلين لـ “حريتي” :

 

 

سبع شهور مروا على كابوس كورونا .. أكيد الحجر الصحي انتهى، هل تشعرين بعودة الحياة الطبيعية للشارع حولك ؟ 

في رأيي حجر كورونا لم ينته، ولن ينتهي قريبا في اي بلد، لأن كورونا أصبح فيروس له يد وقدم في كل بلد، وصار واقع موجود مثل العدو المستتر، وعندي اعتقاد اننا كلنا سنمر بتجربة الاصابة به، الحياة لم تعد كما كانت، ولن تعود كالماضي.

 

ألست ممن يميلون لتصديق نظرية المؤامرة وأن الحرب سياسية في المقام الأول ؟

لا يهمني الأسباب، فأنا لست من هواة التحليل، يهمني ما يحدث الان .. ما يحدث هو ان الفيروس موجود وحتى الان لا علاج له. هو نفس الفيروس الذي يُقضي عليه بعض الصابون ولكن الأدوية لا تقدر عليه .. الفكرة نفسها غريبة، وتأخر المصل حتى الان نفسه موضع استغراب بالنسبة لي، أما لو كان كل ما يحدث لعبة سياسية، فأقول حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.

 

في رأيك ما هي المظاهر التي تعتبر دائما دليل على أن اللبنانين بخير ؟

الشعب اللبناني شعب مثقف يحب الحياة والخروج والرقص والترفيه، عشنا حياة كلها عمل بالنهار، وباقي اليوم للأسرة أو السهر بالخارج، وبسبب كورونا، فطبيعة زمان ودعناها، لكن هناك نوع من الناس رافضة الاستسلام وعندهم أمل، ولذلك يخرجون ويحاولون تشجيع عودة الحياة، ولكن أقول لك أنه رغم كل هذه المحاولات لعيش حياة طبيعية، هناك شيء تعيس داخلنا، ومشاعرنا مقبوضة، فنحن شعب عُرف عنه الانتصار المستمر على الأسى، وطالما نجحنا في ذلك، لكن لا أعرف لما هذه المرة صارت صعبة.

 

هل سافرت منذ فتح الحدود إلى أي مكان ؟ 

لم أسافر منذ فتح الحدود، وأفضل البقاء مع أهلي حتى تتضح الصورة أكثر.

 

هل راودتك من قبل فكرة الهجرة من لبنان ؟

الحقيقة نعم، أوقات كنت أشعر بالضيق ويذهب عقلي لفكرة الهجرة، فالحياة في لبنان أصبحت صعبة جدا، خاصة بعد 4 أغسطس، اقتصاديا واجتماعيا وحتى على المستوى النفسي. ووضع السياسة صار مثل الغابة، الكل يقفز على منافسينه، والكل أولويته مصلحته وليس مصلحة الناس.

ولكن انا عندي حب كبير لهذا البلد، وبيتي وأهلي هنا، وربما في يوم أسافر سفرة طويلة وأعود، ولكن فكرة الهجرة نفسها لا أعتقدها صائبة، لمن سنترك لبنان ؟

عصبية !!

 

أكيد حجر سبعة أشهر كان فرصة بالنسبة لكل إنسان لإعادة تقييم وضعه وتأمل النعم .. احكي لي عن ما تغير فيك بعد شهور الحجر ؟ 

الفترة السابقة كانت فرصة لنا جميعا لنشكر الله على النعم الكبيرة التي كانت ولازالت، فالشكر على النعم يزيدك من النعم

وهناك أشياء كثيرة تغيرت فيي، أولها صفة العصبية، عن نفسي طورت من معالجة مشاعري، ولم أعد أغضب وأتعصب مثل السابق كثيرا

أما على المستوى المهني فكانت فرصة جيدة أولا لتقييم وضعي كفنانة، وثانيا لغربلة علاقاتي

الفترة السابقة عرفت جيدا من يحبني ومن يهمه أمري، كنت أتلقى احيانا مكالمات هاتفية غير متوقعة ولم انتظرها

فوضع الحجر والعزل جعلنا نرى بشكل أوضح الأشخاص وأماكنهم في حياتنا، هذا التقييم شمل أيضا أمور المنزل والتفكير في تفاصيله

بخلاف أنها كانت فرصة لي لتجربة يدي في اصلاح بعض الأشياء وتطوير مهاراتي في المنزل. اكتشفت ان هناك كثير من الاشياء كانت مهملة في حياتي، وأولوياتي لم تكن مرتبة بشكل صحيح ..

وفترة كورونا ساعدتني كما أعتقد انها ساعدت الجميع على ترتيب كل شيء من جديد.

 

 

وقت ثورة لبنان في بداية العام، كانت الشخصيات العامة منقسمة في ولاءها إلى أحزاب مختلفة .. ولكن الأغلب ثار على انتماءاته بعد انفجار المرفأ .. من تصدقين أو تتبعين في السياسيين ؟ 

انفجار المرفأ كان بمثابة الصحوة الكبرى للناس، والحياة اختلفت تماما بعد 4 اغسطس، لم يعد أحد يسير كالغنم وراء السياسيين، وانا عن نفسي لا أتبع اي حزب سياسي، تعجبني بعض افكارهم ولكن لا أسير وراء أحد. ولا أحد منهم كفء كفاية لأتبعه.

 

بعض الفنانين أظهروا تعاطفا للجانب الفرنسي الصديق .. هل تتخيلين لبنان في يوم تتبع فرنسا ؟ 

طبعا كان منطقيا الاهتمام بزيارة الجانب الفرنسي، يكفي انه الرئيس الفرنسي في زيارته الثانية جاء من المطار الى بيت فيروز مباشرة، وقتها شعرنا فعلا ان الفن رسالة، فزيارة ماكرون الى فيروز معناه ان بعض الفنانين نجحوا في رفع اسم لبنان أكثر من السياسيين.

أما موضوع التبعية، فلا أتمنى أبدا ان تعيش لبنان تابع لدولة آخرى، يكفي فقط الصداقة والمحبة بين الدولتين.

 

مش وقت استعراض

 

احكي لي عن كواليس تحضير أغنية “آه منك يا بلد” ؟ 

الاغنية لم يكن مرتب لها، فما عشناه وقت الانفجار هو الذي دفع الشاعر فادي حداد لكتابة الاغنية، وحينما سمعتها منه أعجبتني جدا، ورغبت في تبني هذه المشاعر ونقلها بصوتي، والأغنية شعرت بأن كلماتها جميلة ومستني شخصيا، لدرجة انها غيرت قناعة كانت عندي من زمان بخصوص الأغنيات الوطنية، فعمري ما غنيت أغاني للبنان، وكنت أقول أن أغاني فيروز وصباح ووديع الصافي تكفي، وأحب اعادة غناءها، ولكن لا يمكن أن أقدم غزل أجمل منه في لبنان.

أما هذه المرة فشعرت للمرة الأولى أن الفن من الممكن أن يقرب الناس فعلا ويعبر عن المشاعر .. ووقتها حينما عرضوا علي الأغنية، شعرت بأنها مسئولية، ولابد أن أوثق ما حدث بصوتي وأن تكن هناك صرخة واعتراض، رغم اني طوال عمري لا أحب السياسة ولا أحب الحديث عنها وكنت أقول خلي السياسة لأهل السياسة، ولكن اتضح انهم حتى غير نافعين في السياسة !

 

لماذا لم تظهرين بصورتك في الفيديو ؟

لأنه ليس وقت استعراض، انا قدمت هذه الأغنية لأن عندي رسالة أقولها بصوتي.

 

كتبت عن اغنيتك “الأوطان لا تموت من ويلات الحروب لكنها تموت من خيانة أبنائها .. من تقصدين بالخونة ؟

هم أكثر من أن تكفي صفحات هذا اللقاء لنشر أسماءهم.

 

ما سبب الفترات الزمنية الكبيرة التي تفصل بين كل أغنية لك عن أخرى جديدة ؟

في رأيي أن اي فنان ليصبح نجم، لابد أن يتحلى بالقدرة على الاستماع والمتابعة والتحليل، ويفهم طوال الوقت متطلبات السوق، ومتغيرات ذائقة الجمهور، هذه المتابعة قد تأخذ مني أحيانا وقت لكي أقدم بعدها أغنيات مناسبة للزمن. وطبعا هناك سبب آخر قد يعطلني أحيانا وهو عنصر الانتاج، فتوقف شركات الانتاج تقريبا قد يؤخر أي مطرب في انتاج جديد.

بلا جمهور

كيف ترين فكرة الحفلات الرقمية بدون جمهور ؟ 

لا أراها فكرة حلوة، هي مجرد فترة مؤقتة ونحاول تقريب الفنانين من الناس، ولكن لا حفلة حلوة بدون جمهور والشعور بردود افعالهم وصقفاتهم وغناءهم.

 

 

عام ٢٠٠٢ كانت هناك حركة لبنانية تشبه الغزو للفن المصري .. واستمر انتشار ونجاح النجوم اللبنانيين في مصر لسنوات، ولكن بعد ثورات الربيع العربي، أصبح كل بلد لا يستوعب الا نجومه المحليين .. هل تعتقدين أن أصداء هذه الثورات أثرت على ذائقة الجمهور ؟  أم أن السبب اقتصادي بحت ؟

لا أعرف هل اتفق أم أختلف مع وصف “ثورات الربيع” فالثورات تأخذ وقتها لتنجح ولتستحق وصفها بثورة، فاذا نظرنا الى فرنسا كمثال سنرى انهم استغرقوا قرن كامل بعد ثورتهم ليحصلوا على استقلال كامل ويصبحوا دولة مدنية حقيقية، ولكن طبعا تغير الوضع الاقتصادي وتغير الأنظمة له أثر مباشر على صناعة الموسيقى. وأكبر دليل هو ما تعيشه لبنان اليوم بعد تغير حكومتها أكثر من مرة.

أما بخصوص الشق الثاني من سؤالك فطبعا الثورات تؤثر على ذوق الجمهور. ما نعانيه اليوم كله قد تكون التغيرات السياسية هي السبب الرئيسي وراءه.

 

لماذا قلت في برنامج “دايما لاباس” أن السياسة ظلمتك فنيا ؟

لأني حينما بدأت مرحلة جديدة في حياتي كمطربة، وأصبحت انتج لنفسي، وقتها بدأت التغيرات السياسية الكبيرة في الوطن العربي

ومع هذه التغيرات صار الانتاج اصعب، ولم يصبح الفن أولوية عند الشعوب مثل السياسة.

ولكن نتمنى من الله أن تنتهي هذه الغيوم، ويعود للناس راحة البال والاستقرار والعودة للترفيه والبحث عن النغمة الحلوة والضحكة الحلوة.

مادلين مطـر مادلين مطـر

نقلا عن مجلة حريتي