طارق البحار يكتب : فاتن حمامة والسينما العالمية .. محاولتين لم تنجح

قد لا يصدق البعض أن النجمة الراحلة فاتن حمامة والسينما العالمية، كان لهما بعض الاجتماعات المحتملة من سنوات طويلة.

و لكن الناقد طارق البحار كشف في مقاله التالي عن تاريخ محاولات فاتن حمامة لاقتحام السينما العالمية على إثر نجاح زوجها السابق عمر الشريف فيها.

لكن

طارق البحار يكتب :

لأن

لم يكن الفيلم الأمريكي Cairo “القاهرة” هو محاولة “فاتن حمامة” السينمائية الوحيدة للإنطلاق نحو العالمية، بل هناك فيلم آخر، إنتاج بريطاني بمشاركة يوغسلافية، وجسدت فيه البطولة النسائية الرئيسية، وحمل عنوان Shadow of Treason “ظل الخيانة”.

وللأسف تخلو الكتب والدراسات العربية التي حاولت توثيق السيرة الفنية للراحلة من أية معلومات وصور عن هذا الفيلم.

وحتى القوائم الشاملة لأعمالها، في موقع ويكيبيديا، وقاعدة بيانات الأفلام العربية، لا تتضمن اسم الفيلم، الذى عُرض عام 1963.

وهو نفس العام الذى عُرض فيه فيلم “القاهرة”.

في الذكرى الخامسة لرحيلها، أحاول إلقاء الضوء على فيلمها “ظل الخيانة”، بالمُتاح من معلومات

وبعد مشاهدة نًسخة نادرة من الفيلم، وأتمنى تصحيح الخلل المعيب في أرشيفات المواقع الإلكترونية، وكتب سيرة “فاتن حمامة”، التى تخلو قوائمها من اسم أحد الأفلام النادرة لأيقونة السينما العربية.

فقد بدأت علاقة “فاتن حمامة” بالفن عام 1940 وعمرها تسع سنوات في فيلم “يوم سعيد”، وانتهت في عام 2000 بمسلسل “وجه القمر”، ورحلت عن دنيانا يوم 17 يناير عام 2015.

وهذه حكاية أحد أفلامها المجهولة.

لكن
كان عام 1963 هادئاً في مسيرة “عمر الشريف” الفنية، وكان فيلمه العالمي الأهم Lawrence of Arabia “لورانس العرب” لا زال يُحقق نجاحات كبيرة

رغم مرور عام على بداية عرضه، وصار اسمه كنجم عالمى واعد يتردد صداه في أروقة قاعات العرض والاستديوهات العالمية.

وقبل “لورانس العرب” شارك في تجربتين غير شهيرتين، وهما الفيلم الإيطالي “مهمة في لبنان” 1956

والفيلم الفرنسي “جحا” 1958.

وكانت استراحته المؤقتة عام 1963 استعداداً للقادم في حياته؛ فقد بدأ يرفض الإرتباط بتصوير أية أعمال فنية مصرية جديدة

وكان يستعد لنقل إقامته إلى هوليوود، وهو قرار جرىء، اتخذه في وقت كان يحتل مكاناً مميزاً في قائمة أهم نجوم السينما المصرية، وأعماله مع زوجته “فاتن حمامة” تحقق نجاحاً كبيراً..

دعونا نراهما بعين معاصرة، وكأنهما الثنائى “براد بيت” و”أنجلينا جولي”، ولكن بصورة محلية لا يتجاوز صداها منطقة الشرق الأوسط، لقد زادت شهرته بعد زواجه من “فاتن حمامة”، أحد أهم نجمات السينما المصرية والعربية على الإطلاق.

لأن

وبينما كان هو مُستغرقاً فى استجمامه وتأملاته وأحلامه كان نشاط زوجته الفني عظيماً، وعرضت لها السينما المصرية عام 1963 ثلاثة أفلام مهمة من بطولتها، بالإضافة إلى فيلمين، إنتاجهما غير مصري، وعُرض فيلم “القاهرة” الأمريكي في يناير 1963 في لندن، وعُرض “ظل الخيانة” البريطاني في وقت لاحق من نفس العام في لندن..

تأمل هذا النشاط يشير ربما إلى منافسة فنية خفية مع زوجها، منافسة على الوصول إلى حالة النجمة العالمية، ولكن “فاتن حمامة” توقفت فجأة، وأفسحت الطريق لشريك حياتها.. ليسير فيه وحيداً.

لأن

لكن

لكن

الدور الأكبر

لأن

كان دور “فاتن حمامة” أكبر الأدوار النسائية في فيلم “القاهرة”، وهو دور الراقصة الشرقية “أمينة”، حبيبة “علي-ريتشارد جونسون”

ولكنه لم يكن دوراً كبيراً في أحداث الفيلم، وأغلب الأحداث عن عملية سرقة المتحف المصري، التى خطط لها ونفذها الممثل “جورج ساندرز”، ومجموعة من اللصوص.

ولم يكن الفيلم رائعاً، ولكنه فيلم جريمة تجاري أجنبي متوسط، وتمصير أمريكي لفيلم أمريكي آخر، حمل عنوان The Asphalt Jungle “غابة الأسفلت”، إنتاج 1950

وكان دور “فاتن حمامة” عبارة عن إعادة صياغة لدور “أنجيلا”، الذي قدمته “مارلين مونرو” في نسخة الخمسينيات.

وألطف ما في فيلم “القاهرة” هو مشاهدة “فاتن حمامة” وعدد كبير من نجوم السينما المصرية يمثلون في فيلم أجنبي نادر، حتى لو كان صوت معظمهم مُدبلجاً، وحبكة الفيلم متواضعة.

لكن

لأن

ظل الخيانة

أما فيلم “ظل الخيانة”، فهو أفضل حالاً من فيلم “القاهرة”، من عدة زوايا؛ منها أن مساحة دور “فاتن حمامة” كبيرة، وشخصيتها بارزة ومؤثرة في الأحداث

بخلاف ان اسمها يجاور اسم بطل الفيلم “جون بنتلي”، وهى تجسد شخصية فتاة تُدعى “ناديا لوتوف”

وتشارك في مغامرة تتضمن مطاردات جواسيس في شوارع يوغسلافيا وإيطاليا، والبحث عن كنز مدفون في غابة أفريقية صومالية.

لكن

الفيلم من إخراج “جورج بريكستون”، وبطولة الممثل الإنجليزي “جون بنتلي”، وهو يُجسد شخصية الرجل القوي الداهية، ذو الماضي الغامض، ويعمل حارساً شخصياً لراقصة تقوم بدورها الإنجليزية “أنيتا ويست”.

ويقوم لاحقاً بقيادة أربعة أشخاص للعثور على كنز مُخبأ في غابة أفريقية، ومع الكنز أدلة تدين مجموعة شخصيات تعاونت مع القوات النازية، أثناء الحرب العالمية الثانية.

لكن

على عكس أدوار الحبيبة والزوجة والفتاة الشرقية التقليدية التى جسدتها “فاتن حمامة” في عشرات الأفلام المصرية

ففي “ظل الخيانة” شخصية تتصرف بغموض الجواسيس، ولاحقاً نراها مُغامِرة، تُرافق مجموعة أشخاص لا تثق فيهم، للبحث عن كنز في مكان ناء، وضمن مغامراتها مشاهد أكشن، وعنف، ومواجهات مع وحوش في أدغال غابة أفريقية، وتحمل في حزامها مسدس، وتستخدمه في المواجهات مع نازي عنيف، أو أحد الحيوانات المتوحشة ..

إنه دور جديد عليها بلا شك، ولكنها بدت غير مستمتعة به تماماً، وهى تظهر في معظم تلك المشاهد

والتى تمثل حوالى نصف مشاهد الفيلم بملابس وماكياج بعيدين عن أناقتها وطلتها المعروفة.

لكن

لكن لم تنجح !

لم تكن تجربتها في “ظل الخيانة” مع العالمية أفضل كثيراً من تجربتها في فيلم “القاهرة”.

ورغم حرصها على الظهور بحالة جيدة كممثلة، لكنها لم تكن لامعة أو إستثنائية، ولم يحقق الفيلمان النجاح العالمي الملفت.

وبالطبع لم نسمع عن محاولات أخرى لها للتمثيل في أعمال أجنبية، فيما عدا فيلم “رمال من ذهب”، وهو إنتاج إسباني لبناني مصري

وأخرجه “يوسف شاهين”، عام 1971، وجسدت فيه دور بدوية مغربية تهرب إلى إسبانيا للحاق بحبيبها

وحتى تلك التجربة لم تكن مميزة، وربما تكون هى القشة التى حطمت بعدها كل الجسور التي يُمكن أن تسير عليها نحو العالمية.
في نفس عام مشاركتها في فيلمي “القاهرة” و”ظل الخيانة”، قدمت “فاتن حمامة” أفلام “الليلة الأخيرة” مع المخرج “كمال الشيخ”، و”الباب المفتوح” مع المخرج “هنري بركات”، و”لا وقت للحب” مع المخرج “صلاح أبو سيف”.

وهى أفلام من علامات السينما المصرية والعربية، ومن روائع أدوراها، ولا بد أنها تأملت ما قدمته في نفس العام، في السينما المصرية، وفي السينما الغربية، وقررت أن تتجاهل تجربتها القصيرة مع العالمية، أو تنساها تماماً!

لكن 

لأن

لكن

لأن

لكن

لأن

لكن

لأن