لقاء .. عاصي الحلاني : ربما الفن يورث .. أبنائي وأبي وجدي واخواتي أصواتهم حلوة

لقاء .. عاصي الحلاني : ربما الفن يورث .. أبنائي وأبي وجدي واخواتي أصواتهم حلوة

ثلاثة عقود وأكثر، نجح خلالها فارس الغناء العربي عاصي الحلاني في الوقوف على مسافة واحدة من الأصالة والحداثة في الأغنية العربية

وكان من قلة نجحوا في غناء القصائد وروجوا للغة بصوتٍ شجي تاركا وراءه علامات امتدت نجاحها خارج لبنان والدول الشامية..

اليوم ومع استمرار نجاحه في جذب جمهور الشباب والكلاسيكيين، يبقى أمام الحلاني تحديا مستمرا في الحفاظ على توازنه وعدم الابتعاد عن الأغنية المتغيرة بسرعة.

الحلاني استقبل العام الجديد بتفاؤل ورفض الغاء حفل رأس السنة رغم كل المحاذير والمخاوف .. فكيف جنى النتائج ؟

 

 

كيف تعاملت مع حملة الهجوم عليك بسبب غناءك في رأس السنة رغم تفشي وباء كورونا في لبنان ؟

أحترم آراء كل من اختلفوا حول صواب أو خطأ الغناء في رأس السنة، ولكني استغرب الهجوم المتكرر علي، في الوقت الذي قدم فيه فنانين آخرين كثر حفلات في نفس الليلة، وحضرها جمهور كبير.

من ناحية آخرى الدولة سمحت بإقامة الحفلات، ولو كان هناك شيء غلط حدث في الحفل، فاللوم على منظم الحفل، ولو انا اعتذرت عن الغناء ليلة راس السنة سيكون هناك فنان غيري على نفس المسرح، واعتذاري عن الغناء لن يلغي الحفلات أو يحمي الناس.

 

تستعد لاطلاق البومك الجديد “بعشقك” .. ما الذي تقدمه خلاله ؟

طرحت منه حتى الان أغنيتين وهما “بعشقك” التي تحمل عنوان الألبوم، كلمات بهاء عبد العظيم، وألحان محمد عيبة وهي باللهجة المصرية

والثانية باللهجة اللبنانية وهي “رجعتيني لبدايتي”، كلمات عبير أبو إسماعيل، وألحان حسان عيس، وقد أهديتها لزوجتي رفيقة الدرب طوال 25 سنة

أما الألبوم فيضم أغنيات منوعة باللهجات المصرية والخليجية واللبنانية والعراقية، وأقدم خلاله للمرة الأولى أغنية باللهجة المصرية الشعبية تحمل اسم “المستحيل”، من ألحاني، وكلمات غانم جاد شعلان.

 

قدمت من شهور “قولوا الله” في عز أزمة الحجر المنزلي وتوقف الحياة بسبب انتشار الوباء، حدثنا عن نجاح هذه الأغنية ..؟

“قولوا الله” جاءت من وحي ما يصير معنا في الدول العربية، كلنا نعرف مقولة “ان كان الله معكم، فلا غالب لكم” ومن هنا جاءت فكرة الاغنية التي لحنها رواد رعد، وقبله كتبها الشاعر نزار فرنسيس.

وكنت أريد من خلالها ان أذكر نفسي والناس أننا دائما نتوكل على الله سبحانه وتعالى، ولابد أن نتحلى بالتفاؤل في عز الأوقات السيئة

وهو المضمون الذي حرصنا عليه لنرسل من خلالها أمل في مستقبل افضل.

 

ما سر استمرارك الدائم في التعاون مع نزار فرنسيس ؟

نزار رفيق العمر، وكان أول تعاون لنا سويا عام 92 ، ثم توالت التعاونات الناجحة ومعها كبرت صداقتنا لنصبح عائلة واحدة وأهل، فهو رفيق الدرب الطويل، ورفيق النجاح، ومعظم الأغنيات التي جمعتنا، وصلت لكل الوطن العربي.

وأعتقد أن نجاحنا سويا سببه أن نزار يعتمد على الكلمة البدوية التي يفهمها أغلب العرب باختلاف لهجاتهم، وهو يكتب الكلمات السهلة الممتنعة، فكلماته قصائد مغناة وذات مضمون قيم.

 

 

تحدثت عن اهتمامك بالأغنية البدوية، هل تعتقد ان النجاح لا يصاحبك حينما تخرج من اللون البدوي ؟

لا، بدليل ان لي اغنيات اخرى ناجحة وغير بدوية، أنا أرى ان الفنان لا يجب أن يكون محدود بعطاءه، بالعكس، ما الذي يمنعني اذا كنت قادر على ارضاء اكثر من مزاج غنائي، وانا رغم حرصي على تقديم الفلكلور والتراث واللون البدوي، ولكني ايضا لم أهمل الاغنية الشبابية. فمهما قدمنا أنماط غنائية مختلفة، لابد أن يكن الفنان ابن بيئته، وانا ابن بلدة بعلبك بلد التراث اللبناني، وتربينا على فنها الذي تشربناه منذ ولادتنا، بعلبك شهدت بدايات فيروز والصافي وصباح، وغيرهم من فنانين كبار الذين غنوا على مسرح بعلبك، واليوم من يغني على هذا المسرح نقول انه وصل الى القمة، لأنه مسرح تاريخي عمره أكثر من 3 آلاف سنة.

 

هل لتلك الأسباب حرصت على شراء مزرعة في بعلبك حتى لا تفقد صلتك بها ؟

مزرعة بعلبك كانت حلم الطفولة لي، حيث كانت هويتي من الصغر ركوب الخيل، وأول ما أصبح عندي دخلي الخاص، مارست هواية الخيل واشتريت خيل لنفسي، ثم بنيت مزرعة، حيث لدي ولع وحب بالخيل بقدر حبي للغناء، وبالمناسبة أغلب اهل البقاع او بعلبك يمتازوا بتربية الخيل والحفاظ عليه.

 

لست غاضب ولا متشائم من مستقبل الأغنية

 

مع تغير شكل الأغنية أصبح صعبا ارضاء الجميع .. في رأيك ما هي الخلطة التي تحقق لك أفضل قدر ممكن من الاستماع ؟

مشواري شهد تغيرات كثيرة للأنماط الغنائية التي قدمتها، ولكني طوال الوقت كنت حريص على عدم الابتعاد عن الشعر، وعن الموسيقى الشرقية العربية التي تربيت عليها، فأنا مع التطور الذي يحافظ على كيان اغنيتنا العربية، وضد التطور الذي يشوه الأصول. وقد طورت بكل المراحل منذ بدايتي وتقديم وانا يمك مريت، يمامة، مالي صبر يا ناس، عذبوني، بحبك جدا، يا ناكر المعروف، بحبك وبغار، الهوا طاير، باب عم يبكي.

وعندي في مشواري حوالي 25 ألبوم، وكل ألبوم يحتوي بين 10 و12 أغنية، كل مرحلة كنت أصنع شيء يشبه الموضة، ولكن في نفس الوقت لا يخلو من القيمة والمضمون. هذا هو المزيج الذي يحافظ للفنان على احترامه لفنه، والجمهور يفهم جيدا كيف يفكر الفنان.

 

ولكن ألا تشعر بالخطر على جمهورك من زحف أغنيات المهرجانات والموسيقى العشوائية تجاه مسامع الأغلبية ؟

لست ضمن نادي الغاضبين أو المتشائمين تجاه مستقبل الاغنية العربية

انا اقول انه في هذا الزمن يوجد الجيد والسيء، مثلما حدث في الستينيات والسبعينيات وأزمنة آخرى، ومع مرور الزمن يتم غربلة كل شيء، ومع كل فترة تظهر موجات وتختفي، وانا اليوم باقي رغم مرور أكثر من ثلاثين عام، وفي ذلك وحده اجابة على التخوفات من الموجات القبيحة والتقاليع التي تحاول التسرب على الفن. فهناك كثر بدأوا معي ولم يستمروا، واليوم هناك كثيرين يقدموا فن قبيح وربما يكون تواجدهم كبير، ولكن في نفس الوقت هناك فنانون حقيقيون باقين، مثل جورج وسوف وكاظم الساهر وحسين الجسمي ومحمد عبده ونجوى كرم وانغام وشيرين وراغب علامة ووليد توفيق وغيرهم. الفن الجيد سيجد لنفسه دائما مكان.

 

تشارك في تحكيم The Voice .. هل لك أن تخبرنا عن معيارك الشخصي في تقييم المواهب ؟

أبحث بطبيعة الحال عن الصوت الحلو ولكن مهم أن يكون في نفس الوقت عنده شخصية، فحينما تسمعين اليوم صوت كبار الفنانين، تعرفين تمييزهم كلهم رغم ان كلها اصوات حلوة، ولكن لكل صوت شخصية لا تشبه الآخر. توفر الشخصية في المطرب ضرورة في وجهة نظري بجانب صوته الحلو.

 

لم أوجه أبنائي للغناء ولكن انهاء دراستهم شرط

 

بعد اتجاه اثنين من أبناءك للغناء، هل تعتقد أن الفن يورث ؟

أرى أن الموهبة من الصعب اخفاؤها أو انكارها، فالشغف بالموسيقى والفن لا يمكن تسييره أو التخطيط له

وأنا لم أقل لأي من أبنائي حبوا الفن او اشتغلوا فيه أو غنوا، فماريتا مثلا موهبتها ولدت معها وهي نمتها، وأنا في البيت اترك لهم الحرية للاختيار وكيف يريدون رسم حياتهم.

ماريتا ودانا خلصوا جامعة، ووليد يتبقى له عام واحد في الدراسة، وأهم شيء بالنسبة لي هو أنهم يتخرجوا من الجامعات ثم يشقون طريقهم فيما يحبون

والموهبة لم تصب بيتي فقط، فهناك فنانين كثر أولادهم أيضا موهوبين مثل خوليو اجلاسيوس، ابنه مثلا يعتبر من أهم فنانين العالم

وعاصي ومنصور الرحباني أنجبوا زياد وأسامة ومروان وغسان الرحباني، وحتى السيدة فيروز، اختها هدى تغني

وربما يكون الفن فعلا جزء من الجينات التي تورث، خاصة أن أبي وجدي كانا يملكا أصوات حلوة، وحتى اخواتي الأكبر مني أصواتهم جميلة ولم يحترفوا الغناء.

 

أصبت في ابريل السابق بكورونا، كيف تحكي عن تجربة المرض ؟

ذقت تجربة الحجر بالمنزل، وشعرت بالخطر ليس علينا فقط كأشخاص بل على كل من حولنا

حيث اعتزلت انا واسرتي كل منا في مكان وحده لمدة 15 يوم، وكنت أشعر وقتها بالقلق حتى على من يعانون من قلة الرزق، واتسائل هل يحظون بالرعاية التي يحتاجونها أم لا ؟

 

 

نقلا عن احدى مطبوعات الهيئة الوطنية للصحافة